رقيقة... وشرسة!
"... رقيقة كأيدي الاطفال الغضة بين ثقوب ثوب لم يكتمل بعد...
وشرسة الي حد الرغبة في غرس سنانير الحياكة في بطن امرأة حبلى؟!"
ربما ابدو كما تقول "رقيقة" ولكن الرقة لا تتناقض مع الشراسة وإنما هي ذروتها...
انا شرسة الى ابعد الحدود ورقّتي ليست سوى حد الشفرة... انا شرسة فعلاً...
ولأن شراستي حقيقية فأنا ارفض ان امارسها بسطحية وبدائية: التعامل الفظ مع الناس.
ولأن شراستي اصيلة فانا اعرف عما تعبّر واحرص على عدم انحرافها...
شراستي نتيجة طبيعة لا مفر من ان ترافق محاولتي للتعبير عن براكيني الداخلية من ألم أو رفض أو ثورة ونقل حممها الى اعماق الاخرين نقلاً ايجابياً لا عدائياً...
والشراسة في الكتابة تحقق ما لا يمكن ل الشراسة في المعاملة تحقيقه. وانا لذلك اتبني الاولى وانبذ الثانية!
الشراسة في معاملة الناس ليست اكثر من خشونة وفظاظة ولن تلقى منهم سوى ردود فعل مشابهة...
انما قد تجرح جلدهم ولكنها تظل قاصرة عن تجريح قلوبهم وتفجير ما فيها. لذا فهي موقف عدائي من الاخرين...
موقف عقيم. اما شراسة الحرف فهي لا تتضمن موقفاً عدائياً من الاخرين ولا استهتاراً وإنما هي نوع من التضامن مع ثورتهم الداخلية...
نوع من تجريح الأقنعة لتعرية ما تحتها... نوع من تفجير الجدران عن صرخات الحزن او الفرح وشهقات الخيبة او النشوة.
وهكذا فشراسة الطبع عزلة عن الاخرين بينما شراسة الحرف مشاركة ومرآة لهم...
وانا احب الناس ولا اقصد بشراستي ايذاء شعورهم وإنما ايقاظ شعورهم على جرحهم الخاص الداخلي... وتلك هي اولى مهمات الاديب....
حاورها محمد بديع سربيه
١٢-١١- ١٩٦٦
من كتابها: ستأتي الصبية لتعاتبك
ص ٦٥